إذا كيف بدا الخلق ؟

إذا كيف بدا الخلق ؟

على هذا سؤال سيعجز داروين ومعاونيه في الإجابة وان تخفوا خلف فلسفات . آذ أن القضية عندهم استنتاج بينما القضية عندنا نظر ." فانظروا كيف بدأ الخلق " فليس كونك ترى قوما في جانب يعيشون بطريقة ما وقوما آخرين يعيشون بجانب آخر أكثر رغدا وأكرم عيشا والعكس دليل على أن هؤلاء تطور هؤلاء فستنتهي إذا إلى أن داروين ما تعدى الاستنتاج . والاستنتاج يقف بين الخطأ والصواب وإنا نريد المنظور المرئي

إذ أنى أريد من داروين أن يريني كيف يخلق الإنسان بهذه الكيفية رؤية تجريبية .

وله على الآن وقفة غير انه بعيد أن يقضى له فيها ولكنا لوقفاته

يقول لي إن ذلك يقع تجريبيا مثبتا في قضية خلق الإنسان وبنية الجنين داخل الرحم . أقول انك ترى الاستنتاج والتشبيه وقضيتنا قضية النظر والرؤية . هذه واحدة أما الثانية فهي وان كان كذلك فهل هذا ينفى أن له خالق .

ثم انك"داروين"  قد كونت فلسفة علمية عن شيء بعينه فالمفروض أن هذه الفلسفة تجعلك تتهندس فيه وأين هذا منك وهذا دليل آخر عليه. إذ انه من المتعارف عليه انك إن اكتشفت نظرية علمية فان تفسيرك العلمي وتأويلك النظري لابد أن ينتج لك فرصة هندسة ذاك الاكتشاف معمليا فأين هذا من داروين ؟

لقد بدا داروين في عام 1831 على ظهر الباخرة " بيجل" فرأى أن الإنسان في المناطق القطبية سمين وفى المناطق الاستوائية نحيل ورأى أن السحالي التي تعيش في الظلام عمياء وسحالي البراري حادة البصر ملونة . ويرى أن في الثعبان أربع أرجل ضامرة.

ونسى أن هذه الاختلافات دليل على قدرة الخالق فهو يخلق من نفس الشيء ما يجعله يتكيف ومجريات الأمور . ويتحرك حسبما تأتيه الطبيعة فما كان لعاقل أن يقبل بقول أن الطبيعة هي ارقي درجات التدبر .

وبقى سؤال هل خلقنا لأن نتمتع بأجسامنا ؟

إن أجبت بقولك نعم فأنت بذلك قد اغتلت ذاتك فان الذين يتمتعون بأجسادهم إنما يقتلون ذاتهم .  فالذين يرون في أجسادهم سلعة ماهم إلا معدومي الحياء . الذين يستخدمون ألسنتهم في سب الناس وقذفهم إنما هم طويلي اللسان معدومي الخلق . لا تراه إلا وقد قذف هذا ولعن هذا وشتم هذا . شتام سباب لعان . بئس هو من مرء .

أما الذين لا يتمتعون بأجسادهم ولا يمتعون أجسادهم ما احيوا خلقا جديدا . فالقضية إذا فى منتهى الغرابة  وسؤال فى غاية الحيرة . أنت إن استمتعت بجسدك قتلت ذاتك وإلم تستمتع به  ما أحييت خلقا . إذا هناك رابط يجعلك تستمتع ولا تستمتع . تقتل وتحيى . هذا الرباط انك تستعمل جسدك بحيطة هذه الحيطة لن ترى لك دالا عليها إلا الخالق . فلابد إذا من خالق .

 

فكل موجود فى الطبيعة هو بناء يحكمه نظام الهي مستحكم . بناء بقوة خارجية.

 ما كانت لتكون قوى الطبيعة الخرافية الهزيلة .

ثم إن قوى الطبيعة تدخل الإنسان فيها وما بقى شيء تعمل فيها الطبيعة بقانونها إلا وصيره الإنسان حسبما قانونه فلما لم نرى هذا فى برنامج الخلق .

إذا حكما الخلق للخالق . وان للخلق خالق . وان الحياة بلا خالق حياة هراء .

 

وستتعجب من شخص مثل فرانسيس كريك والحاصل عل جائزة نوبل  فى العلوم حينما يستغرب من قصة خلق حواء من ضلع ادم ويحكم عليها أنها كذب . فمما خلقت أنت يا كريك ؟

من أب وأم بمعنى أن الذكر من الأنثى والأنثى من الذكر والذكر من الذكر والأنثى والأنثى من الأنثى والذكر فلما العجب ثم إنا نعلم بما يسمى ب "التوالد الوحيد " بمعنى انه يمكن أن ينتج جنين من عنصر واحد كما فى بعض الحشرات . فان كان للدنيا خالق وإذا كان هذا الخالق هو الله حيث لا وجود لمعترض عليه فى الخلق والإنشاء .

 

إذا الله الخالق ولا دنيا بغير الخالق

 

ويذكر السيد ديفيد وليام بالى صاحب كتاب " عالم اللاهوت الطبيعي " يقول

" هب أن إنسانا عبر مرجا فوجد على الأرض ساعة تعمل فى حالة جيدة لا يمكن توضيح تصميمها ولا أدائها إلى بإسنادها إلى صانع وبنفس الطريقة إثبات أن للخلق خالق "

 

ومن قبله ذهب إلى هذا العربي القديم حينما قال ألبعرة تدل على البعير ويستدل على خلق الخالق وجود السماوات ذات الأبراج والأرض ذات الفجاج .

 

وأبعد من هذا يذهب الشافعي حينما سئل عن وجود الله فأجاب

"الدليل على وجود الله ورقة التوت تأكلها الدودة فتخرجها حريرا طريا وتأكلها النحلة فتخرجها عسلا شهيا . وتأكلها الغزالة فتخرجها مسكا ذكيا . وتأكلها الشاة فتخرجها لبنا طريا صافيا . المادة واحدة واللون واحد لكن الصنعة مختلفة فمن الصانع ؟"

ويقول جيمس أدوين قائد مركبة أبوللو  15 عام1971م " عندما ذهبنا إلى القمر لم أكن فى بادئ الأمر على يقين أن الله تعالى سيمد إلينا يده لكننا نجحنا بفضله سبحانه "

يقول الله  تعالى

 " إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان ... الآية "

ويقول  أدوين "  إن منظر الأرض وهى كرة معلقة فى الهواء فى حجم الزيتونة وأنا انظر إليها من ذلك البعد السحيق على سطح القمر جعلني أدرك أن الإنسان وأرضه مجرد ذرة تسير فى هذا الكون وان هذا الشعور جعلني أرى الله الذي سأشكره عند عودتي اعترافا بفضله العظيم وبعظمة خلقه . وعلينا أن نحب الله حبا بغير حدود "

          كتاب ارتياد الفضاء " منصور حسب النبي"